الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أدلى بتصريحات جديدة عن أحداث 2011
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أدلى بتصريحات جديدة عن أحداث 2011

أثناء الحملة الانتخابية للرئيس الأميركي، وجه بايدن انتقادات  حادة  لأوضاع حقوق الإنسان في مصر، وفي يوليو من العام الماضي غرد قائلا بأنه لن يكون هناك المزيد من الشيكات "على بياض" لمصر ولـ "الديكتاتور المفضل لترامب"، في إشارة للرئيس عبد الفتاح السيسي. 

ومنتصف سبتمبر، أعلنت الإدارة الأميركية أنها ستحجب 130 مليون دولار من المعونة العسكرية لمصر، إلى أن تتخذ القاهرة خطوات محددة تتعلق بحقوق الإنسان.

ويمنع القانون الأميركي صرف المساعدة الأميركية الأمنية لمصر والبالغ قدرها 300 مليون دولار سنويا، إلا إذا استوفت القاهرة عدداً من معايير حقوق الإنسان.

لكنّ الإدارات الأميركية المتعاقبة تجاوزت هذا الشرط، بقولها إنّ تقديم هذه المساعدة يخدم الأمن القومي الأميركي.

والثلاثاء، قال متحدّث باسم وزارة الخارجية الأميركية لوكالة فرانس برس إنّ وزير الخارجية أنتوني بلينكن "لن يصادق" أمام الكونغرس هذا العام على أنّ "الحكومة المصرية تتّخذ إجراءات مستديمة وفعّالة" لتعزيز حقوق الإنسان، "لأنّنا نواصل مناقشة مخاوفنا الجادّة" بشأن هذا الأمر.

ولفت المتحدّث إلى أنّ القاهرة ستحصل من أصل هذا المبلغ على 170 مليون دولار بدون قيد أو شرط، في حين ستحصل على المبلغ المتبقّي وقدره 130 مليون دولار "إذا أخذت إجراءات محدّدة تتعلّق بحقوق الإنسان".

فما هي دلالات هذه الخطوة، وهل ستدفع القاهرة لاتخاذ خطوات جدية لتحسين حالة حقوق الإنسان؟ 

"ضربة قوية"

وقال كاميرون هدسون زميل أول في مركز أفريقيا التابع للمجلس الأطلسي، إن إدارة بايدن تسعى من خلال هذا القرار الموائمة بين خطابها المتكرر بشأن حقوق الإنسان وبين سياستها الفعلية.

وأضاف في تصريحات لموقع "الحرة" أن الإدارة الأميركية تريد أن تضع سياستها المتعلقة بحقوق الإنسان موضع التنفيذ.

ويرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة جورج واشنطن، ريتشارد تشاسيدي، أن قرار بايدن بحجب جزء من المساعدات العسكرية لمصر كان بمثابة ضربة قوية لحكومة السيسي.

وأضاف تشاسيدي في تصريحات لموقع قناة "الحرة" أن القرار جاء استجابة لضغوط بعض الديمقراطيين في الكونغرس لفرض قيود على المساعدات التي تحصل عليها القاهرة ما لم يتم إدخال تحسينات على حقوق الإنسان.

وكان تقرير للخارجية الأميركية نشر في أبريل الماضي، قد أشار إلى أن قوات الأمن المصرية ارتكبت "انتهاكات عديدة"، وأن الحكومة المصرية لم تحقق بشكل "شامل" ما ساهم في "خلق بيئة من الإفلات من العقاب". وأثار هذا التقرير وقتها انتقادات حادة من نواب ديمقراطيين. 

ترامب والسيسي في البيت الأبيض-أرشيف
"لا شيكات مفتوحة لدكتاتور ترامب المفضل".. انتقادات ديمقراطية لسياسة بايدن اتجاه مصر
ولفت التقرير إلى أن هذه المخاوف قد عُززت بتقرير الخارجية الأميركية عن الوضع الحقوقي حول العالم، والذي انتقد إدارة السيسي بسبب انتهاكات حقوقية تشمل، "القتل غير القانوني، الاختفاء القسري، التعذيب والعقوبات القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة من قبل الحكومة".

في المقابل، يقول جمال عبد الجواد، مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن هذا القرار لا يعكس واقع العلاقات بين البلدين، وأن العلاقات تشهد تحسنا على كافة المستويات.

ويقول عبد الجواد إن القرار له علاقة بالسياسة الداخلية الأميركية أكثر من ملف حقوق الإنسان، موضحا في تصريحات لموقع قناة "الحرة"، أن "هذا القرار هو محاولة من الرئيس بايدن تحسين علاقته بجزء من قاعدته في الحزب الديمقراطي، والمهتمة بحقوق الإنسان في مصر"، على حد قوله. 

ومنذ توقيع اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية (كامب ديفيد) عام 1978، تحصل مصر 1.3 مليار دولار معونة عسكرية من الولايات المتحدة، لكن واشنطن تفرض بعض الشروط على شريحة 300 مليون دولار في المعونة العسكرية.

وكشفت متحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية للحرة، الثلاثاء الماضي، أن بايدن والسيسي يتشاطران الالتزام بشراكة قوية ومثمرة بين الولايات المتحدة ومصر".

وشددت المتحدثة على أن "إدارة بايدن- هاريس تدعم تعزيز العلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة ومصر إلى جانب تحسينات ملموسة ودائمة في مجال حقوق الإنسان".

كما ذكرت المتحدثة أن بايدن والسيسي اتفقا، في مايو الماضي، على أهمية الحوار البناء حول حقوق الإنسان. وأكدت للحرة أن "مسؤولين أميركيين نقلوا إلى القادة المصريين خطوات محددة قمنا بحثهم على اتخاذها".

ووصفت المتحدثة مصر بـ"الشريك المهم للولايات المتحدة لا سيما فيما يتعلق بالأمن الإقليمي ومكافحة الإرهاب والتجارة". ولفتت إلى أن زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي، نفتالي بينيت، التاريخية لمصر في 13 سبتمبر الحالي هي مجرد مثال واحد على دور مصر المهم في تعزيز الاستقرار الإقليمي.

واستدركت بقولها: "مع ذلك لا تزال الولايات المتحدة قلقة من استمرار ورود تقارير عن انتهاكات وتجاوزات لحقوق الإنسان مفصلة في تقاريرنا السنوية".  

فتور محتمل

وفي الأشهر الأربعة الأولى من رئاسته، لم يتصل بايدن بالسيسي، ولكن مع تصاعد المواجهات بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية، تدخل السيسي فرصة للتوصل إلى هدنة بين الطرفين.

وبعد إعلان وقف إطلاق النار، اتصل بايدن بالرئيس المصري، أعرب بايدن عن "امتنانه الصادق" للسيسي وفريق الوساطة الخاص به للعب "مثل هذا الدور الحاسم في هذه الدبلوماسية".

وعبر السيسي عن سعادته بتلقي اتصال بايدن وشكره على دوره "في إنجاح مبادرة وقف إطلاق النار المصرية". وكتب  على تويتر "هذا يؤكد عمق وقوة العلاقات الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة"، معتبراً أنه يأمل في مزيد من التعاون.

وقالت نيويورك تايمز إن بايدن يحاول السير في خط رفيع بين اهتمامه بملف حقوق الإنسان في مصر ودورها الحاسم في توفير الاستقرار في الشرق الأوسط.

من جانبه، يقول هدسون إن هذا القرار قد يغضب الحكومة المصرية بما يعرض العلاقات بين البلدين للخطر، وقد يحد من نفوذ الولايات المتحدة في مصر في الأمد القريب.

وأضاف: "يتعين علينا أن نرى كيف ستتصرف مصر على المدى الطويل. هل ستسعى إلى إقامة علاقات أمنية وثيقة مع دول أخرى في المنطقة أو حتى مع الصين؟ أم هل تتمكن الولايات المتحدة من إجراء محادثة جادة حول حقوق الإنسان في حين تستمر في إشراك مصر في المجالات ذات الاهتمام المشترك؟".

كما ذكر عبد الجواد أن هذا القرار لم يتم استقباله بطريقة إيجابية في مصر، مضيفا أن التوسع في مثل هذه الخطوات سيكون له أثر سلبي على العلاقات بين البلدين. وقال "قد يحدث فتور مصري تجاه أميركا".

وقال مصطفى كامل السيد، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، لنيويورك تايمز، إن "بايدن حريص على تقديم صورة مختلفة للولايات المتحدة عن تلك التي كانت في عهد ترامب، الذي كان معجبًا بالديكتاتوريين علنًا"، بحسب قوله.

وأضاف: "في الوقت نفسه، يهتم بايدن باستقرار مصر لأنه يلعب دورًا مهمًا في تخفيف حدة التوتر بين الإسرائيليين والفلسطينيين ودورها في مكافحة الإرهاب".

أما الدبلوماسي الأميركي السابق الذي عمل في مصر، تشارلز دن، فقال لمجلة فورين بوليسي: "دور القاهرة في التوسط في اتفاقيات السلام في الشرق الأوسط، وتعاونها في مكافحة الإرهاب، ومنحها أفضلية للسفن الحربية والطائرات العسكرية الأميركية التي تعبر قناة السويس لطالما تفوق على أي قلق بشأن الطبيعة الاستبدادية للحكومة المصرية وانتهاكاتها الجسيمة لحقوق الإنسان".

وضع حقوق الإنسان في مصر

ومنذ وصول السيسي إلى سدة الحكم في مصر في عام 2013 بعد الإطاحة بحكم الإخوان المسلمين، تشير منظمات حقوقية  إلى تراجع في ملف حقوق الإنسان.

وتقدر منظمات حقوقية عدد الموقوفين السياسيين في مصر بنحو 60 ألف محتجز، منذ تولي السيسي منصبه في 2014، وفقا لوكالة فرانس برس.

كما اتّهمت منظمة العفو الدولية "أمنستي"، الأسبوع الماضي، أجهزة الأمن المصرية بـ"ترهيب ومضايقة" المدافعين عن حقوق الإنسان بهدف "إسكاتهم".

وقالت المنظمة  في تقرير بعنوان "اللي بيحصل ده هيخلص لما تموت" انتقدت فيه استخدام جهاز الأمن الوطني المصري "بشكل متزايد نمطا محكما من الاستدعاءات غير القانونية والاستجوابات القسرية، التي ترقى إلى المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة".

وقال فيليب لوثر، مسؤول منظمة العفو في الشرق الأوسط وشمال افريقيا، إنّ "أسئلة وتهديدات مسؤولي قطاع الأمن الوطني تكشف عن هدف واضح وهو قمع أنشطة حقوق الإنسان والأنشطة السياسية".

كما قالت منظمة "هيومن رايتس ووتش" في تقرير أصدرته، الثلاثاء، إن عناصر الشرطة و"قطاع الأمن الوطني"، التابعين لوزارة الداخلية المصرية، قتلوا في السنوات الأخيرة عشرات "الإرهابيين" المزعومين في جميع أنحاء البلاد، في إعدامات وصفها المنظمة بأنها غير قانونية وخارج نطاق القضاء.

وخلص التقرير الصادر في 80 صفحة بعنوان "تعاملت معهم القوات الأمنية: عمليات قتل مشبوهة وإعدامات خارج القضاء على يد قوات الأمن المصرية" إلى أن المسلحين المزعومين الذين قُتلوا في ما يسمى "اشتباك مسلح" لم يُشكّلوا، في حالات كثيرة، خطرا وشيكا على قوات الأمن أو غيرها عندما قُتلوا، وبعضهم كانوا أصلا محتجزين. 

من جانبه، نفى السيسي وجود أي انتهاكات لحقوق الإنسان في مصر. وأضاف في تصريحات، الأربعاء الماضي، على التلفزيون المصري: "يهمني أن يكون المصريون على درجة كافية من الاقتناع بأنه لا يوجد أي شكل من أشكال انتهاكات حقوق الإنسان في مصر". 

وأرجع السيسي بعض الممارسات الخاطئة من البعض إلى "الفقر والجهل وثقافتنا وما حدث في السنين الماضية". وكشف السيسي في تصريحاته عن افتتاح مصر "خلال أسابيع قليلة، أكبر مجمع سجون" في البلاد وقد شُيّد على الطريقة الأميركية، ليضم كل ما يحتاجه السجناء داخله. 

"لن يحدث تغير جذري"

وجاء القرار الأميركي بعد أيام قليلة من إطلاق الرئيس المصري الاستراتيجية الوطنية الاولى لحقوق الإنسان، التي من المقرر أن يتم العمل بها لمدة 5 أعوام.

ووجه تساؤلا للمنظمات الحقوقية الدولية إذا ما كانوا "يعلمون حجم التحديات الموجودة في بلدنا ومدى تأثيرها على النمو الإنساني والحضاري".

وتشتمل الاستراتيجة 4 محاور رئيسية هي الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وحقوق الإنسان للمرأة والطفل وذوي الإعاقة والشباب وكبار السن، والتثقيف وبناء القدرات في حقوق الإنسان .

وأكد عبد الجواد أن "أوضاع حقوق الإنسان تتحسن في مصر". وطالب الإدارة الأميركية بتشجيع هذه الخطوات.

في المقابل، قال الناشط الحقوقي، حسام بهجت، في تصريحات لنيويورك تايمز: "هذه ليست دولة بحاجة إلى بعض الإصلاحات القانونية والمؤسسية ومواد تدريبية في مجال حقوق الإنسان. إنها دولة غارقة في أزمة عميقة لحقوق الإنسان لا يمكن حلها إلا من خلال الاعتراف بعمق هذه الأزمة واتخاذ قرار بتغيير المسار".

وأضافت الناشطة البارزة في مجال حقوق المرأة في القاهرة، عزة سليمان، تعليقا على الاستراتيجية لصحيفة نيويورك تايمز: "إنها شكل تجميلي. نريد دليلا. والدليل هو احترام الدستور والإفراج عن السجناء والسماح لمنظمات المجتمع المدني بالعمل بحرية".

أما عن إمكانية أن يحدث القرار تأثير على ملف حقوق الإنسان في مصر، يرى هدسون أن هذا القرار ربما لا يكون كافيا لإجبار الحكومة المصرية على تغيير جذري في سياساتها في هذا الملف بالطريقة التي ترغب فيها الإدارة الأميركية.

وذكر عبد الجواد أن المبلغ الذي تم حجبه أقل من يدفع الحكومة المصرية أن تتصرف بطريقة غير الطريقة التي تتصرف بها حاليا وتراها مناسبا من مصلحتها الوطنية.

وقال المحامي الحقوقي نجاد البرعي لصحيفة نيويورك تايمز: "بالطبع، لن تعيد أي دولة تشكيل سياستها خوفًا من خسارة 100 أو 300 مليون دولار، لكن في نهاية المطاف لا تريد مصر أن تكون دولة مارقة، وتسعى لتحسين ملف حقوق الإنسان".

بدوره، لا يتوقع تشاسيدي حدوث تغير في النهج الأمني الذي يتبناه السيسي في التعامل مع القضايا في مصر، كما لا يتوقع حدوث تغير في قضايا الحريات، لكنه أكد أن قد يكون هناك بعض الجهود لزيادة الحماية القانونية وحماية الشرطة للمرأة المصرية.

مصر شهدت انقطاعات في التيار الكهربائي خلال الصيف الماضي
مصر شهدت انقطاعات في التيار الكهربائي خلال الصيف الماضي

ذكرت وكالة "بلومبيرغ" الأميركية، أن مصر "تسعى لشراء الغاز الطبيعي المسال" لدرء نقص الوقود خلال الصيف المقبل، مع ازدياد الطلب على الكهرباء، مشيرة في الوقت نفسه إلى أن "العنف في منطقة البحر الأحمر يشكل تحديا".

واستفسرت البلاد عن شحنات من الغاز الطبيعي المسال للتسليم في وقت مبكر من الشهر المقبل وخلال فصل الصيف، وفقا لأشخاص مطلعين على الأمر لم تكشف "بلومبيرغ" عن هويتهم.

وقال هؤلاء الأشخاص إنه "سيتم توجيه شحنات الغاز الطبيعي المسال عبر منشأة في الأردن، على الرغم من أن مصر تسعى إلى إنشاء محطة عائمة خاصة بها".

وستكون هذه الخطوة بمثابة تحول كبير بالنسبة لمصر، التي توقفت إلى حد كبير عن استيراد الغاز الطبيعي المسال في عام 2018، عندما عزز حقل ظهر الضخم الإنتاج المحلي، مما حوّل البلاد إلى مصدر للوقود.

والآن قلبت المخاطر الناجمة عن تغير المناخ هذا السيناريو رأسا على عقب، تماما كما تزيد التوترات الجيوسياسية في البحر الأحمر من صعوبة استيراد الإمدادات، وفق الوكالة.

ولم يستجب مسؤولون من الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية التي تديرها الدولة، والمعروفة باسم "إيغاس"، لطلبات التعليق من قبل وكالة "بلومبيرغ".

وتريد مصر، التي تستخدم الغاز للتبريد للهروب من حرارة الصيف الشديدة، تأمين الغاز الطبيعي المسال لتجنب تكرار سيناريو الانقطاع المزمن للتيار الكهربائي الذي وقع في الصيف الماضي، وفقا لأحد المصادر.

والصيف الماضي، تسببت درجات الحرارة المرتفعة التي تزيد عن 35 درجة مئوية، في انقطاع التيار الكهربائي لمدة ساعة أو ساعتين يوميا.

وقال وزير البترول والثروة المعدنية المصري، طارق الملا، في أكتوبر، إن الصادرات من الغاز الطبيعي المسال "ستستمر حتى مارس أو أبريل، قبل استخدام الوقود محليا خلال فصل الصيف".

وتظهر بيانات تتبع السفن، أن القاهرة "استوردت 4 شحنات فقط منذ عام 2019"، وفق بلومبيرغ.